كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(كِتَابُ النِّكَاحِ):
(قَوْلُهُ: وَإِرَادَتُهُ إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إرَادَتُهُ هُنَا بَلْ يَجُوزُ إرَادَةُ الْعَقْدِ إذْ لَابُدَّ مِنْهُ فِي التَّحْلِيلِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكْفِي إرَادَةُ الْوَطْءِ بَلْ لَابُدَّ مَعَهُ مِنْ طَلَاقِ الثَّانِي ثُمَّ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ عَقْدِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الزَّانِي إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي تُنْكَحُ.
(قَوْلُهُ حَتَّى فِي الْجَنَّةِ) قَدْ يَدُلُّ صَنِيعُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعَقْدُ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ أَثَرَ النِّكَاحِ، وَهُوَ ثُبُوتُ الزَّوْجِيَّةِ.
(كِتَابُ النِّكَاحِ):
(قَوْلُهُ: قِيلَ) إلَى قَوْلِهِ اتِّفَاقًا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفِي الزَّانِي إلَى وَقِيلَ وَقَوْلُهُ وَقَدْ جَمَعْتهَا إلَى وَشَرَعَ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفِي الزَّانِي إلَى وَقِيلَ وَقَوْلُهُ وَقَدْ جَمَعْتهَا إلَى وَفَائِدَتُهُ.
(قَوْلُهُ: بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ)، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِاللَّفْظِ الْآتِي)، وَهُوَ الْإِنْكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا. اهـ. ع ش أَيْ وَتَرْجَمَتُهَا.
(قَوْلُهُ لِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْهُ) أَيْ نَفْيِ النِّكَاحِ عَنْ الْوَطْءِ إذْ يُقَالُ فِي الزِّنَا سِفَاحٌ لَا نِكَاحٌ وَيُقَالُ فِي السُّرِّيَّةِ لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مَنْكُوحَةً وَصِحَّةُ النَّفْيِ دَلِيلُ الْمَجَازِ. اهـ. مُغْنِي زَادَ الرَّشِيدِيُّ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِاسْتِحَالَةِ إلَخْ) أَيْ عُرْفًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا فَلَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَقْدِ عَلَى هَذَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ. اهـ. أَيْ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الصَّرِيحِ لَا الْكِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْوَطْءِ وَكَذَا ضَمِيرُ ذِكْرِهِ وَكَفِعْلِهِ وَإِرَادَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُكَنَّى بِهِ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ لِاسْتِقْبَاحِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِلِاسْتِحَالَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَهَذَا صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِرَادَتُهُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَيْهَا إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْعَقْدُ وَالْوَطْءُ مُسْتَفَادٌ مِنْ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ». اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الزَّانِي إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي حَتَّى تَنْكِحَ. اهـ. سم أَيْ وَقَوْلُهُ الْآتِي دَلَّ عَلَيْهَا السِّيَاقُ عَلَى قَوْلِهِ دَلَّ عَلَيْهَا خَبَرٌ إلَخْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ مَعَ تَقَدُّمِ الْمَجْرُورِ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى إلَخْ) حَالٌ مِنْ مُتَعَلِّقٍ فِي الزَّانِي الْمُقَدَّرِ بِالْعَطْفِ وَقَوْلُهُ إنَّ الْمُرَادَ إلَخْ بَيَانٌ لِمَا وَقَوْلُهُ دَلَّ إلَخْ خَبَرُ ذَلِكَ الْمُتَعَلِّقِ الْمُقَدَّرِ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ عَكْسُهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالثَّانِي أَيْ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي مَوْضُوعِ النِّكَاحِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى اللُّغَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الشَّرْعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا) أَيْ بِالِاشْتِرَاكِ كَالْعَيْنِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَنَى إلَخْ تَفْرِيعٌ ثَانٍ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ تَظْهَرُ فِيمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى وَالِدِهِ وَوَلَدُهُ عِنْدَهُمْ لَا عِنْدَنَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَفِيمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعَقْدِ عِنْدَنَا لَا الْوَطْءِ إلَّا إنْ نَوَاهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَنِثَ بِالْعَقْدِ) لَا الْوَطْءِ إلَّا إنْ نَوَاهُ. اهـ. شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ شُهْرَتُهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ، وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَتِهِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ زَوْجَتَهُ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ. اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُغْنِي وَإِذَا قَالُوا أَيْ الْعَرَبُ نَكَحَ زَوْجَتَهُ وَامْرَأَتَهُ لَمْ يُرِيدُوا إلَّا الْمُجَامَعَةَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْجَنَّةِ) قَدْ يَدُلُّ صَنِيعُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعَقْدُ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَثَرَ النِّكَاحِ، وَهُوَ ثُبُوتُ الزَّوْجِيَّةِ. اهـ. سم أَقُولُ وَأَفَادَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي إلَخْ.
وَفَائِدَتُهُ حِفْظُ النَّسْلِ وَتَفْرِيغُ مَا يَضُرُّ حَبْسُهُ وَاسْتِيفَاءُ اللَّذَّةِ وَالتَّمَتُّعِ وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ وَهَلْ هُوَ عَقْدُ تَمْلِيكٍ أَوْ إبَاحَةٍ وَجْهَانِ يَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَهُ زَوْجَةٌ وَالْأَصَحُّ لَا حِنْثَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ مَالِكٌ لَأَنْ يَنْتَفِعَ لَا لِلْمَنْفَعَةِ فَلَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَالْمَهْرُ لَهَا اتِّفَاقًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَقِيلَ عَلَيْهِ مَرَّةٌ لِتَقْضِيَ شَهْوَتَهَا وَيَتَقَرَّرُ مَهْرُهَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَالتَّمَتُّعُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ اسْتِيفَاءُ اللَّذَّةِ.
(قَوْلُهُ وَهَذِهِ) أَيْ الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ أَعْنِي اسْتِيفَاءَ اللَّذَّةِ وَالتَّمَتُّعَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إبَاحَةٍ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ لَا حِنْثَ إلَخْ) فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الثَّانِي. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ التَّمْلِيكِ.
(قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) مُسْتَأْنَفٌ وَقَوْلُهُ وَطْؤُهَا أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا لَوْ لَمْ يَطَأْ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْوَطْءِ دَفْعًا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ لَا لِكَوْنِهِ حَقًّا لَهَا. اهـ. ع ش.
(هُوَ) أَيْ النِّكَاحُ بِمَعْنَى التَّزَوُّجِ (مُسْتَحَبٌّ لِمُحْتَاجٍ إلَيْهِ) أَيْ تَائِقٍ لَهُ بِتَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ وَلَوْ خَصِيًّا (يَجِدُ أُهْبَتَهُ) مِنْ مَهْرٍ وَكِسْوَةِ فَصْلِ التَّمْكِينِ وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالْعِبَادَةِ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ» وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ لُغَةً الْجِمَاعُ وَالْمُرَادُ هُوَ مَعَ الْمُؤَنِ لِرِوَايَةِ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ» وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مَنْ فَقَدَ الْمُؤَنَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْجِمَاعِ إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ لِلصَّوْمِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَصْرِ الْبَاءَةِ عَلَى الْمُؤَنِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ مَنْ عَدِمَهَا يُؤْمَرُ بِالصَّوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِ الْجِمَاعَ وَلَيْسَ مُرَادًا وَلَمْ يَجِبْ مَعَ هَذَا الْأَمْرِ لِآيَةِ: {مَا طَابَ لَكُمْ} وَرَدَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَلَالُ مِنْ النِّسَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِهِ أَحَدٌ فَإِنَّ الَّذِي حَكَوْهُ قَوْلَ إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِبَقَاءِ النَّسْلِ وَوُجِّهَ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ خَافَ زِنًا قِيلَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا يُوجَدُ إلَّا بِهِ وَقِيلَ إنْ لَمْ يُرِدْ التَّسَرِّي نَعَمْ حَيْثُ نَدَبَ لِوُجُودِ الْحَاجَةِ وَالْأُهْبَةِ وَجَبَ بِالنَّذْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ كَمَا بَيَّنَتْهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ الْعُقُودُ لَا تَلْتَزِمُ فِي الذِّمَّةِ إذَا الْتَزَمَتْ بِغَيْرِ نَذْرٍ وَمِنْ ثَمَّ انْعَقَدَ فِي عَلَيَّ أَنْ أَشْتَرِيَ عَبْدًا وَأَعْتِقَهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ النِّكَاحُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى رِضَا الْغَيْرِ، وَهُوَ لَيْسَ إلَيْهِ إذْ الشِّرَاءُ كَذَلِكَ وَقَدْ أَوْجَبُوهُ.
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَهُ أَيْضًا إذَا طَلَّقَ مَظْلُومَةً فِي الْقَسْمِ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ لَهَا وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْبِدْعِيِّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الرَّجْعَةُ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِدْرَاكِ ظُلَامَةِ الْآدَمِيِّ وَمَنْعُ جَمْعٍ التَّسَرِّيَ لِعَدَمِ التَّخْمِيسِ مَرْدُودٌ كَمَا يَأْتِي بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ فِيمَنْ تَحَقَّقَ أَنَّ سَابِيَهَا مُسْلِمٌ لَا فِيمَنْ شَكَّ فِي سَابِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ وَلَا فِيمَنْ تَحَقَّقَ أَنَّ سَابِيَهَا كَافِرٌ مِنْ كَافِرٍ أَوْ اشْتَرَى خُمْسَ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ نَاظِرِهِ لِحِلِّهَا يَقِينًا وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِمَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ النِّكَاحُ مُطْلَقًا خَوْفًا عَلَى وَلَدِهِ مِنْ التَّدَيُّنِ بِدِينِهِمْ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ إذْ الْمَصْلَحَةُ الْمُحَقَّقَةُ النَّاجِزَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْمُتَوَهَّمَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ التَّسَرِّي بِالنِّكَاحِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ يَأْتِي فِيهِ قِيلَ الضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ فِي الْمَتْنِ إنْ أَرَادَ بِهَا الْعَقْدَ، أَوْ الْوَطْءَ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ بِهُوَ وَأُهْبَتِهِ الْعَقْدَ وَبِإِلَيْهِ الْوَطْءَ صَحَّ لَكِنْ فِيهِ تَعَسُّفٌ. اهـ.
وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا كُلَّهَا لِلْعَقْدِ الْمُرَادِ بِهِ أَحَدُ طَرَفَيْهِ، وَهُوَ التَّزَوُّجُ أَيْ قَبُولُ التَّزْوِيجِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ وَمَا تُوهِمهُ فِي إلَيْهِ يَرُدُّهُ قَوْلُنَا أَيْ تَائِقٌ لَهُ بِتَوَقَانِهِ الْوَطْءَ وَهَذَا مَجَازٌ مَشْهُورٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (فَإِنْ فَقَدَهَا اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} الْآيَةَ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِ وَالرَّوْضَةِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْكِحَ قِيلَ، وَهِيَ دُونَ الْأَوْلَى فِي الطَّلَبِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ هُوَ الطَّلَبُ الْغَيْرُ الْجَازِمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَأَكُّدٍ وَعَدَمِهِ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى وَخِلَافَ الْمُسْتَحَبِّ وَاحِدٌ هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ نَهْيًا غَيْرَ مَقْصُودٍ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمُسْتَحَبِّ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ لَابُدَّ فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالنَّهْيِ كَلَا تَفْعَلْ عَلَى مَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَحَلِّهِ مِنْ بَحْرِ الزَّرْكَشِيّ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يُكْرَهُ فِعْلُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْخَبَرِ عَدَمُ طَلَبِ الْفِعْلِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْفِعْلِ بَلْ وَمِنْ طَلَبِ التَّرْكِ وَمُقْتَضَى هَذَا رَدُّ الْمَتْنِ لَوْلَا الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ إذْ قَوْلُهُ: يَسْتَعْفِفُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَائِقٌ.
وَقَوْلُهُ: {حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} يَدُلُّ عَلَى فَقْدِهِ لِلْمُؤَنِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِ التَّائِقِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ لِآيَةِ: {إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ} مَعَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ» وَصَحَّ أَيْضًا «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعِينَهُمْ مِنْهُمْ النَّاكِحُ يُرِيدَ أَنْ يَسْتَعْفِفَ» وَفِي مُرْسَلٍ «مَنْ تَرَكَ التَّزَوُّجَ مَخَافَةَ الْعَيْلَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالِاسْتِعْفَافِ فِي الْآيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ زَوْجَةً وَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْفَقْرِ وَإِتْيَانِهِنَّ بِالْمَالِ وَالْإِعَانَةِ وَخَوْفِ الْعَيْلَةِ عَدَمُ وِجْدَانِ الْأُهْبَةِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ لَاسِيَّمَا وَدَلِيلُنَا «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» أَيْ قَاطِعٌ أَصَحُّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا.
(وَيَكْسِرُ) إرْشَادًا وَمَعَ ذَلِكَ يُثَابُ؛ لِأَنَّ الْإِرْشَادَ الرَّاجِعَ إلَى تَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ كَالْعِفَّةِ هُنَا كَالشَّرْعِيِّ خِلَافًا لِمَنْ أَخَذَ بِإِطْلَاقِ أَنَّ الْإِرْشَادَ نَحْوَ: {وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ} لَا ثَوَابَ فِيهِ (شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ) لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَكَوْنُهُ يُثِيرُ الْحَرَارَةَ وَالشَّهْوَةَ إنَّمَا هُوَ فِي ابْتِدَائِهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَنْكَسِرْ بِهِ تَزَوَّجَ وَلَا يَكْسِرُهَا بِنَحْوِ كَافُورٍ فَيُكْرَهُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إنْ أَدَّى إلَى الْيَأْسِ مِنْ النَّسَبِ وَقَوْلُ جَمْعٍ الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى حِلِّ قَطْعِ الْعَاجِزِ الْبَاءَ بِالْأَدْوِيَةِ مَرْدُودٌ عَلَى أَنَّ الْأَدْوِيَةَ خَطِيرَةٌ وَقَدْ اسْتَعْمَلَ قَوْمٌ الْكَافُورَ فَأَوْرَثَهُمْ عِلَلًا مُزْمِنَةً ثُمَّ أَرَادُوا الِاحْتِيَالَ لِعَوْدِ الْبَاءَ بِالْأَدْوِيَةِ الثَّمِينَةِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّسَبُّبِ إلَى إلْقَاءِ النُّطْفَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي الرَّحِمِ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يَجُوزُ إلْقَاءُ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الْإِحْيَاءِ فِي مَبْحَثِ الْعَزْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ آيِلَةٌ إلَى التَّخَلُّقِ الْمُهَيَّأِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَزْلُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَنَفَقَةُ يَوْمِهِ) أَيْ التَّمْكِينُ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى إلَخْ) لَكِنْ فِيهِ تَوْرِيعٌ إذْ الْمُرَادُ فِيهِ بِالْبَاءَةِ فِي الْإِثْبَاتِ الْمُؤَنِ مَعَ الْجِمَاعِ وَفِي النَّفْيِ مُجَرَّدُ الْمُؤَنِ، وَهُوَ تَكَلُّفٌ وَمُخَالَفَةٌ لِلظَّاهِرِ بِلَا ضَرُورَةٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِذِكْرِ الشَّبَابِ الْمُسْتَلْزِمِ غَالِبًا لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْجِمَاعِ وَالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.